كتائب الناصر صلاح الدين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منطقة الزيتون


    منافع السلام ! ... الدكتور أحمد نوفل

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 204
    تاريخ التسجيل : 20/04/2010

    منافع السلام ! ... الدكتور أحمد نوفل Empty منافع السلام ! ... الدكتور أحمد نوفل

    مُساهمة  Admin الجمعة مايو 07, 2010 12:31 am

    من كان يظن السلام بلا منافع ولا مكاسب وأنه كله مغارم، فهو واهم غير فاهم.. ففي السلام مغانم ليس للجانب الإسرائيلي فحسب، بل للجانب العربي أيضاً. فأما الجانب الإسرائيلي، فتحت مظلة السلام كانت تتم كل عمليات الإجرام، وقضم الأرض، وتسمين المستوطنات وتوسيعها، والبدء بالجديد منها، بل إن أغلب الحروب في العقود الأخيرة كانت تتم وحبر الاتفاقات لما يجف بعد. ففي أجواء احتفاليات كامب ديفيد العظيم المكاسب، جرى اجتياح لبنان، والاستيلاء على أول عاصمة عربية. وهكذا مُرّ بسائر الحروب. ومن مكاسبه لـ"إسرائيل" تحسين صورتها في الإعلام العالمي، وتبييض صفحتها، وفتح الطريق لسياساتها وتجارتها في العالم.
    وهل تنسون كيف كانت إفريقيا مقفلة في وجه "إسرائيل" حتى وقع السادات وطبّع، فانفتحت السكك وذللت الصعوبات.. واخترقت إفريقيا أم القارات.
    ومن منافع السلام للكيان الغاصب أنه ضَمن مباركتنا لما احتله سنة 48، وضَمن أننا نملك الاستعداد للتنازل عن المحتل سنة 67. فقام يوسع المستوطنات ما دام ضَمن الخطوة الأولى، والآن يفاوضنا على ما الذي نستطيع التنازل عنه من المحتل سنة 67. وبعد أن يضمن الوجبة الجديدة، سيفاوضنا من جديد على التنازل الثالث. وهذا من المكاسب. ومن المكاسب العظيمة للعدو المجرم أنك ما دمت تنازلت عن أرضك، فقد أصبح مالكاً، وأي مقاومة له هي إرهاب وعمل تخريبي مدان من أصحاب الأرض، ومن المنظمة التي كانت منظمة تحرير، وإلا فقل لي: ما هو التنسيق الأمني مع هذا العدو؟ وإذا كان الرمز اعترف بأنه ضبط لـ"إسرائيل" ألفي عملية انتحارية، فماذا يقول خلفاء الرمز الذين تضاعف تعاونهم الأمني 700% في السنة الأخيرة؟! ولا أنسى كلمة متلفزة للشيخ العبيكان قال فيها: عار على أهل فلسطين أن يبيعوا أرضهم، ثم يرجموا من اشتراها بالحجارة!
    ومن مكاسب السلام اختراق الجبهات العربية وإقامة شبكات الموساد، من خلال إقامة السفارات والمفوضيات والملحقيات التجارية، فصارت عين الموساد تجوس خلالنا وخلال ديارنا بحرية ويسر وغطاؤها مؤمّن ومضمون.
    ومن منافعه لهم أن العملاء صار لهم غطاء رسمي، فمن وكلاء سياحتهم إلى وكلاء بضائعهم إلى من يغطّون خدمات سفارتهم، إلى من يؤمنون لهم تجنيد العملاء والمتعاونين.. كل هؤلاء وهم جيش غير قليل، صار لهم غطاء قانوني لما يفعلون.. وبعد أن كان الجواسيس يعدمون أو يحكمون بالمؤبدات ما عدنا نرى إلا الإفراجات والإخراجات لهؤلاء الجواسيس، من عزام عزام، إلى عائلة مصراتي، إلى يوسف طحان اليهودي الذي قام بتهريب أضخم صفقة مخدرات إلى مصر، إلى تشارلز الذي نقل الأيدز إلى ثلاثمئة طفل.. كل هؤلاء أفرج عنهم بعد وقت قصير. والمكاسب لا تحصى ولا تعد. فنحن لم نلج إلى عالم الملاحق السرية للاتفاقات، ولم تر النور ولن، ولم تجر مناقشتها من لدن الجمهور ولن، بل ظلت ضمن المستور الذي نرى نتائجه ولا نراه.. بل ينقلب إلينا البصر خاسئاً وهو حسير ومحسور.
    لم نتكلم عن التفتيش في مناهج العالم العربي بعرضه وطوله.. بحثاً عما يصنف تحت خانة التحريض المحرّم والمجرّم.
    لم نتحدث عن التطبيع الثقافي وتغيير مصطلحات الإعلام العربي فلم تعد كلمة "العدو" تسمع في الإعلام ولا كلمة الاحتلال، ولا كلمة الحرية والتحرير والشهداء والاستشهاد، حيث صرنا نعد شهداءنا مجرد قتلى يحسبون بالأعداد والأرقام "خمسة قتلى في قصف إسرائيلي" مثلاً. أو "أعمال عنف في الأقصى تؤدي إلى جرح عشرة فلسطينيين" وهذا لعمر الحق لا يقل خطورة عن احتلال الأرض. إنه اختلال العقل واحتلال الروح. وحدّث عن الاختراقات في ما يسمى معسكرات السلام، التي تعقد في جهات الأرض. وحّدث عن الزيارات والوفود واستقبال زعماء الإرهاب والإجرام بالاحترام وعزف السلام على أرض العرب الكرام!
    والمنافع بعد، لا تحصى ولا تعد. فما نقول في المكاسب على صعيد العرب؟ وهل المكاسب مقتصرة على بني يهود؟ الجواب: لو كان الأمر كذلك ما كان أصلاً. لأن العرب أعقل من أن يفعلوا شيئاً كل ما فيه خسائر لهم ومكاسب لعدوهم، هذا ما لا يكون، وما لا يعقل أن يكون. فللعرب الأعارب منافع ومكاسب، والكل رابح كاسب مع السلام، حتى لو كان السلام المفقود الغائب الهارب!
    فأما وجه من منافع فرفع الحرج! ودفع العتب، ورد العين، وإسكات اللائمين.
    فإذا تم قصف مدمر لبلد عربي وطالب أحد بالرد أو على الأقل بكلام "قاس" قيل: نحن في سلام.
    وإذا قيل: سحب السفراء، قيل: إن أول المتضررين هم الأشقاء. فالسلام أراح العرب وأزاح عن الكواهل أحمالاً وأثقالاً فكأنما وُضع عنهم وزر وإصر وأغلال كانت عليهم!
    ومن مكاسب السلام للعرب أن التنسيق الأمني صار يطلق بدل العمالة، ومن مكاسبه المياومات في المفاوضات. فقد أصبح بعض الفلالين (فلان وفلان..) من أصحاب الأطيان وأصحاب المزارع والفيلات من ثمرات المفاوضات المباركات.
    ومن ثمرات السلام هؤلاء المقاولون من الباطن لتوريد الباطون للسور وغير السور، ومكاتب الخدمات.
    وإذا تركنا المغالطات والمهاترات، فإن السلام خطيئة القرن بالنسبة للعرب، وأعظم خسارة وقع فيها العرب، وأعظم خدمة يمكن أن يؤديها قوم لعدوهم، وأعظم توهين لقوى الممانعة والمقاومة هذا السلام المزعوم. لقد ضحينا بخيرة أبنائنا وزججنا بهم في سجون السلطة من أجل عيون بني إسرائيل. أفخسارة تعدل هذه الخسارة؟ وبعد فلقد اكتشفنا بعد أكثر من عشرين سنة من التفاوض مع هذا العدو أنه أي التفاوض والسلام أبعد الطرق لتحصيل الحقوق وإحقاقها، وأن أقصر الطرق طريق المقاومة، هذا هو الطريق. وأخيراً فإن أعظم منافع السلام أننا عرفنا أن لا منافع للسلام. والسلام. ويا عربي عرفت فالزم. وسلام على من لا يجرب المجرب!

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:47 am