إلى أمي ..

..

.. وارتفع عدد الأعوام عام! لكنه الأقسى يا أمي ..

مع كل فجر ارقب الشمس المشرقة لتحمل لك سلاما وألف قبلة كنت أهديها لك كل صباح .. ويطول انتظاري .. لا شمس ولا سلام .. صقيع وغيم يلف المكان ..



واكتمل عام ..

ولا تزالين كما أنت تنتظرين .. تذكرين الوطن مع كل حركة ووطأة .. وتزيد دموعك كلما وقعت عينك على حفنة التراب المحتفظة بها من قبر أخي .. تتحسسينها حينا وتشمين رائحته فيها أحيانا أخرى ..
هو أيضا ذهب بلا وداع .. والراحلون بلا وداع كثر يا أمي .. تجمعين صورهم من هنا وهناك وتضميها إلى صدرك كلما اشتد الحنين ..


سمعت صوتك قبل أيام .. لم أجرؤ على محادثتك بعدها .. انتظر أن تمر الذكرى بسلام .. فصوتك الحزين يعزف لحن أم فقدت وما تزال تفقد من حولها ..



أراك – وإن كنت بعيدة – تخرجين من صندوقك العتيق ما تبقى منهم .. رسائل .. صور .. ذكريات .. تشبعيها لثماً ودموعاً وتروين لهم حكايات هذا العام ..
وأبكي على دموعك وإن كنت لا أراها .. وأحاول لملمة حروفي لأكتب كلمة مواساة في هذه الذكرى ..
يأسرني عجزي فلا استطيع ..



لا جديد يا أمي سوى أنك وحيدة بعد أن تفرق شمل أبناءك ..
لا جديد سوى أن من ينتظرنا في الوطن بدؤوا بالتلاشي قليلاً قليلا .. بعضهم نعرفهم والكثيرون لا يعرفوننا!
لا جديد سوى الخط الأسود في الزاوية اليسرى من صورة أخي ! هو خط لكنه الأدمى في حياتي !



أمي ..
ها أنا أكتب إليك من جديد .. عل حروفي تصلك ذات يوم فتوقنين أنك لست وحيدة ..وأن قلبينا معاَ

أمي..
لن أزيد على ( فَصبرٌ جميلُ عَسَى اللهُ أن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً)