كتائب الناصر صلاح الدين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منطقة الزيتون


    الطريق المسدود الذى يسير فيه الإخوان المسلمون

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 204
    تاريخ التسجيل : 20/04/2010

    الطريق المسدود الذى يسير فيه الإخوان المسلمون Empty الطريق المسدود الذى يسير فيه الإخوان المسلمون

    مُساهمة  Admin الخميس أبريل 22, 2010 4:02 pm

    لم أدهش حين انتهى المكتب التنفيذى لـ«حزب الجبهة الديمقراطى»، الذى انعقد قبل ٤٨ ساعة من الموعد المحدد لإجراء حوار بين الحزب وجماعة الإخوان المسلمين، إلى قرار بتأجيل هذا الحوار إلى أجل غير مسمى، وهذا هو المنطقى والمتوقع من حزب أعلن حين تأسيسه، أنه حزب ليبرالى يسعى لتشكيل قوة ثالثة، تكون بديلاً عن كل من الحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين.

    وهكذا انفض مولد الحوار بين الإخوان والأحزاب المدنية الدستورية، من دون أن يسفر عن أى نتيجة، ولو حتى مجرد التواعد على استكماله، وهى حقيقة لابد أن يتوقف أمامها «الإخوان»، ويقارنونها بما كان عليه موقف معظم الأحزاب المدنية منهم، حين كانوا قاسماً مشتركاً أعظم فى كل مبادرات تأسيس التحالفات والجبهات بين الأحزاب والتيارات والشخصيات المعارضة، التى كانت تنطلق- خلال عامى ٢٠٠٤ و٢٠٠٥- بواقع جبهة كل ست ساعات، ليبحثوا عن سبب عزوف الجميع، عن مجرد الحوار معهم.. وانعزالهم عن مجرى النضال الديمقراطى.

    ولا مفر من أن يسلم الجميع، على جبهة المعارضة المدنية، بأن الإخوان المسلمين يشكلون عقبة حقيقية أمام حركة الإصلاح السياسى والديمقراطى، وأن نفوذهم الجماهيرى المتصاعد، الذى قد يكون أقل بكثير مما يتوهمه الآخرون، وقدرتهم التنظيمية التى لا يمكن إنكارها، قد أعطيا أجنحة داخل الحزب الحاكم الذريعة لإبطاء حركة الإصلاحات الديمقراطية، خشية أن يستفيد الإخوان من هذه الإصلاحات، ويصلوا إلى السلطة، فينقلبوا على أسس الدولة المدنية، التى قامت واستقرت خلال قرنين من الزمان.. ويقيموا دولة دينية.

    تلك مخاوف مشروعة لا تقتصر على تيار داخل الحزب الحاكم، ولكنها تشيع بين القسم الأكبر من النخب الثقافية والسياسية المدنية، وبين كل غير المسلمين من دون استثناء، خشية أن يتحولوا- فى ظل الدولة الإخوانية- من مواطنين إلى أهل ذمة، وهى ليست «فزاعة» يصطنعها نظام الحكم القائم، لكى يتهرب من الضغوط الدولية التى تطالبه بتوسيع نطاق الديمقراطية، كما يشيع الإخوان والمتعاطفون معهم، وبعض ذوى النيات الطيبة- بل الساذجة من العناصر الديمقراطية،

    وحتى لو كان ذلك كذلك، فإن الدولة الإخوانية خطر حقيقى لن يؤدى بالقطع إلى توسيع نطاق الديمقراطية، بل سيؤسس نظاماً طائفياً، يهدد وحدة الوطن واستقراره، ويصادر كل الحقوق الديمقراطية، التى يتمتع بها المصريون الآن بجانب محدود منها، من الحق فى المواطنة إلى الحق فى المساواة، وكل الحريات، من حرية الصحافة إلى حرية التظاهر السلمى، ومن حرية العقيدة إلى حرية الإبداع الأدبى والفنى والبحث العلمى.

    وهى مخاوف لم يأخذها الإخوان المسلمون مأخذ الجدّ، ولم يحاولوا- على امتداد تاريخهم كله- أن يقوموا باجتهاد فقهى خلاق يوائم بين الشريعة الإسلامية وضرورات الدولة المدنية، وحتى حين اجتهد غيرهم من المفكرين الإسلاميين، وطرحوا رؤى فقهية حول قضايا مثل انتهاء الجزية على غير المسلمين بانتهاء الفتوح الإسلامية، وجواز تولى المرأة مناصب القضاء،

    وجواز توليها وتولى غير المسلمين منصب رئاسة الدولة، وحق ولى الأمر فى وقف تطبيق الحدود واستبدالها بالتعازير.. ضربوا عرض الحائط بكل هذه الاجتهادات، وفضلوا عليها آراء الفقهاء التقليدين الذين عاشوا فى زمن، وفى عالم، لم يكن قد عرف الدولة الوطنية، أو النظم الديمقراطية.

    وبدلاً من الاجتهاد الفقهى الخلاق للمواءمة بين الموروث الدينى الإسلامى وضرورات الدولة المدنية الديمقراطية، لجأ الإخوان إلى المناورة والضحك على الدقون، فأكدوا أنهم جماعة مدنية تسعى لدولة مدنية، وأن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية، وصدقهم فى البداية كثيرون من ذوى النيات الطيبة، إلى أن تكشف لهم أن الدولة الدينية فى مفهومهم هى الدولة التى يحكمها شيوخ يرتدون الكاكولة والعمامة، وأن الدولة المدنية هى الدولة التى يحكمها أفندية يرتدون البدلة والكرافتة،

    وهو مفهوم ما لبثوا أن عدلوا عنه، حين وضعوا مشروع برنامج حزبهم الذى يقوم على تشكيل لجنة من الفقهاء تعرض عليها القوانين التى يصدرها مجلس الشعب، لتتأكد من مطابقتها للشريعة الإسلامية، وأجاز لها حق الاعتراض على القوانين، ليصبح مكتب الإرشاد، وليس الأمة، هو مصدر كل السلطات!

    باختصار ووضوح ومن الآخر: نقطة البدء وأساس أى تعاون أو تحالف بين الأحزاب والقوى الديمقراطية وبين الإخوان، هى الاتفاق أولاً حول مفهوم الدولة المدنية، وخلاصته أنها الدولة التى لا تنحاز فى تشريعاتها أو إجراءاتها أو وظائفها لأتباع دين أو مذهب معين من رعاياها، ثم الاتفاق ثانياً على أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات نزيهة فقط، ولكنها مجموعة من الحقوق يتصدرها الحق فى المساواة، ومجموعة من الحريات تتصدرها حرية العقيدة، كما أنها ليست حكم الأغلبية فقط، ولكنها حكم الأغلبية مع ضمان حقوق الأقلية!

    ولو أن الذين يسعون للحوار مع الإخوان، أو يسعى الإخوان للحوار معهم من الأحزاب المدنية الديمقراطية، حصروا الحوار حول نقاط الخلاف المحورية بين الطرفين، لأدوا واجبهم نحو الوطن ونحو الديمقراطية، بل نحو الإخوان أنفسهم، لانقاذهم من الطريق المسدود، الذی يسيرون فيه، ويقودون الوطن والإسلام إليه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 10:42 pm