كتائب الناصر صلاح الدين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منطقة الزيتون


    عاجل :اجهزة دايتون يختطفون الاسير القسامي المحرر طلال ابو عصبة

    avatar
    فارس 2000


    المساهمات : 32
    تاريخ التسجيل : 23/04/2010

    عاجل :اجهزة دايتون يختطفون الاسير القسامي المحرر طلال ابو عصبة Empty عاجل :اجهزة دايتون يختطفون الاسير القسامي المحرر طلال ابو عصبة

    مُساهمة  فارس 2000 الجمعة أبريل 23, 2010 9:43 am

    اجناد:مليشيات دايتون في سلفيت تختطف الأسير المحرر طلال أبو عصبه بعد اسبوعين من الافراج عنه حيث أمضى ست سنوات في سجون الاحتلال
    وكان الوزير المحرر كتب عن الاسير المحرر فقال
    الحافظ لكتاب الله .. الخطيب المفوه .. المجاهد القدوة .. وسليل الأسرة المجاهدة
    بقلم الوزير الأسير / المهندس وصفي قبها
    لقد جاءت حركة المقاومة الإسلامية حماس في موعدها المقدور عند الله فكان ميلادها بشرى خير شكّل أكبر حدث في المنطقة ، فَزُفَتِ البشرى والأخبار والأنباء المفرحة والسعيدة إلى كافة أرجاء المعمورة ، وفتحت الباب واسعاً لكل الشرفاء والأطهار والمجاهدين ، وأصبحت مقصد وقبلة كل الباحثين عن الوسطية القائمة على الأصالة والاقتباس من منابع ديننا الإسلامي الحنيف ، فالقرآن الكريم والسَّنة المطهرة ، وما يجمع عليه علماء الأمة وما يردنا ويصلنا من تاريخ وسيَر السلف الصالح هو ما يميز حماس بمنهجها وآلياتها ووسائلها لتحقيق أهدافها السامية والنبيلة ، حماس التي أبدعت وتألقت من خلال جهادها ومقاومتها للاحتلال الإسرائيلي ، وتميزها بنقاء وطهارة قيادتها وكادرها ومجاهديها وهي التي تدفع بشبابها إلى محاضن التربية ومدارس القرآن الكريم التي تضم في صفوفها شباباً في ريعان الصّبا وفتيات في عمر الورود ، فهنيئاً للحماس وهي تخرج الآلاف سنوياً من حفظة كتاب الله ومن مختلف الأجيال والأعمار ، فما أروعها من حركة ربانية ينضم إلى ركبها كل من ينادي بالعودة إلى كتاب الله وتحكيم شرعه ، ويريد الجهاد في سبيل الله وخاصة على أرض فلسطين ، أرض الجهاد والرباط ، فدرب الحماس هو درب المجاهدين الذين أنجبتهم فلسطين ، فغذوها بدمائهم وأرواحهم وسنوات عمرهم تطحنها رحى السجن ، وكل ذلك من أجل الأقصى ، من أجل فلسطين الحبيبة ، فلسطين العشق الأبدي ، نحيا بها ونعيش لأجلها ، فلسطين الإسراء والمعراج .
    لقد تنقلت بين معظم سجون الاحتلال وكان لي شرف الالتقاء والتعرف على المئات من أبناء الحماس ورجالات كتائب الشهيد عز الدين القسام الذين بعطائهم وتضحياتهم يتربعون على قمة المجد ، فالسجون والمعتقلات الصهيونية تُغيب في بطنها وخلف قضبانها وجدرانها وأسلاكها الشائكة المئات من رجالات الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – حماس من أصحاب المحكومات المؤبدة ( مدى الحياة ) والعالية ، هؤلاء هم الذين سلكوا درب الأشواك والعزائم ، وهو طريق حماس في الجهاد والمقاومة ، ولعلم الإخوة والأخوات القراء فقد خصصت الحلقة الأولى من سلسلة أسرى من أجل المسرى للقائد والأخ والصديق جمال عبد السلام أبو الهيجا حباً وتقديراً ووفاءً لتضحيات هذا المجاهد القسامي وعائلته المجاهدة التي سُجن وغيب خلف قضبان سجون الاحتلال كل أفرادها وأبنائها إلا من الصغيرة ساجدة ، هذا القائد الذي فقد يده اليمنى في معركة مخيم جنين ، ويرسف بقيوده ويربض الآن خلف القضبان بمؤبداته التسع في العزل الانفرادي حيث تصر قوات الأمن الصهيوني على عزله الانفرادي والذي يتجدد كل عام ومنذ سبعة أعوام .
    وأما الحلقة الثانية فقد تم تخصيصها لأحد أهم وأبرز القادة المؤسسين للجناح العسكري – كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة الغربية الذي حاولت جاهداً استنطاقه والحديث بما لديه من معلومات ولكنه ضنَّ عليَّ تواضعاً .
    وفي هذه الحلقة الثالثة وجدت لزاماً عليَّ أن أقدم قصة وسيرة حياة أسرة فلسطينية حمساوية مجاهدة من خلال أحد أفرادها المجاهدين القساميين الذين أكرمهم الله عز وجل بحفظ القرآن الكريم غيباً وعن ظهر قلب وحصوله على الإجازة في الحفظ والقراءة ، والقراءة بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عن شيخه الأستاذ " محمد ماهر " يوسف بدر (أبو عبادة ) المحاضر في جامعة الخليل وأحد ممثلي الشعب الفلسطيني في المجلس التشريعي عن محافظة الخليل وعلى أرض سجن النقب حيث جمعهم القيد وألم السجن ، كما أن هذه الحلقة أخصصها إكباراً وإجلالاً وحباً ووفاءً وتكريماً لعائلة فلسطينية متميزة بجهادها ونضالها ومقاومتها وعطائها وتضحياتها ، أقدمها نموذج قدوة وأسوة حسنة ومثالاً يحتذى بها ، عائلة حمساوية تعكس الصورة المشرفة والجميلة للعائلة الفلسطينية المجاهدة والمناضلة التي عقدت العزم وتصر على الانضمام إلى ركب المجد ، ركب الحماس ، ركب الدعوة الإسلامية ، ركب الحافظين لكتاب الله ، وحيث الطريق إلى ذُرا العلا ، فكل الأبناء والبنات قد نشأوا نشأة صالحة وتربوا تربية حسنة ، إنها عائلة الأسير المجاهد طلال عوض الله أحمد أبو عصبة ، وما أن وقفت على جوانب من سيرة هذه الأسرة وقصتها حتى وجدت منها صفحات من نور وفي محطاتها نتاج بالبر والتقوى ، وتطارق بالهم والشكوى ، وخفقان القلب للقلب ، أسرة متدينة متماسكة ومتحابة ، فكل محطاتها عطاء وتضحيات وصبر وثبات وإخلاص واحتساب ، حالها حال كل الحمساويين ، قادة وكوادر ومجاهدين حاملين أنفسهم وأنفاسهم وأموالهم وأوقاتهم وزهرات شبابهم على أكفهم ، باذلين ذلك كله في سبيل إعلاء كلمة الله ، وما أروع شباب هذه الأسرة الفريدة الرائعة ، بدران .. زهران .. بلال .. طلال أشقاء ولكل واحد منهم حكاية ، وفي حكاية كل واحدٍ منهم دروس كثيرة وعبر ، أما الشقيقات فهنّ ستٌ زهرة .. نسرين .. كفاح .. تحرير .. فلسطين .. وانتفاضة ووراء كل اسمٍ مدلول وإشارة فانتبهوا يا أولي الألباب ، وكل ذلك أقدمه وأبثه إلى الباحثين عن القدوات ومنارات الهدى من المجاهدين والمناضلين .
    أقدم هذه الأسرة ومن خلال الأسير المجاهد الذي يكنّي نفسه بأبي همام وقد تشرفت بالالتقاء به والتعرف عليه في سجن النقب الصحراوي ، قلعة الشهيد القائد جمال منصور ، وقد جمعني به القيد وألمه في غرفة واحدة وتحت سقف واحد لأكثر من خمسة شهور .
    إن عائلة الحاج عوض الله أبو عصبة " أبو بدران " قد تحملت العذاب والاضطهاد والتشريد والتنكيل والاستشهاد ، فصبرت وتحملت واحتسبت وكانت أسرة ومدرسة في الصبر والثبات والاحتساب ، وهي العائلة الواثقة بوعد الله ، عائلة موقنة أن الشهداء والجرحى والأسرى والمعذبين ، معالم على طريق النصر ، عائلة لا يوجد لديها شك من أن الطريق طويل ووعر ومملوء بالأشواك والجماجم وليس مفروشاً بالورود ، فهنيئاً لهذه الأسرة بحماس ، وهنيئاً لحماس بهذه العائلة التي أقدم بعض صفحاتها ومحطاتها وجوانب مسيرتها والله أسأل الأجر والثواب والإخلاص ، كما وأسأله عز وجل أن تكون هذه الأسرة أسوة حسنة وقدوة طيبة لمن أراد أن يسلك ويسير على درب الحماس درب الشهداء .. درب الأسرى في طريق ذات الشوكة ، الطريق الأقصى إلى مرضات الله سبحانه وتعالى ، فما أروعها وأجملها من أسرة وقد قدمت دماء أبنائها وسنين شبابهم المزهرة والمثمرة عطاء وتضحيات ، وصبر واحتساب في سبيل قضيتهم العادلة ، لهذا كان حقاً علينا أن تسطر تاريخها ومثيلاتها الفلسطينية الحمساوية بمداد من نور حتى نكون الأوفياء لأبنائنا ومجاهدينا ، وندون ونسجل وتخلد تضحياتهم في ذاكرة التاريخ الفلسطيني يستدعيها الأبناء والأحفاد عندما يسألون يوماً عن الحماس وأسرها ، وعن الحماس ومجاهديها ، وعن الحماس وعطائها وتضحياتها ، عن أصالة الشعب الفلسطيني ، عن حماس وأصالة الانتماء عندما يسألون يوماً ما كيف أقمتم دولتكم وانتصرتم لقضيتكم فيكون الجواب بكل فخر واعتزاز وبشموخ الحمساوي الواثق بمعية الله ، بمثل هذه الأصول انتصرنا وحيث امتدادنا ، وبمثل هذه الأصول التي خلقت تلك الفروع النامية السامية حققنا ما نريد ، وبمثل أبناء الحماس ورجالات القسام انتصرنا للقضية والأقصى ، وكان الرجال الرجال ، الأسرى من أجل المسرى والشهداء من أجل الأقصى .
    والقصة طويلة وتمتد عبر عقود ، عقود المحن والأسى التي مرَّ بها هذا الشعب الصامد ، المرابط ، عقود النكبة والنكسة والتهجير ، حيث ميلاد سارة جاد الله في عام النكبة 1948 حيث كانت العصابات الصهيونية تمارس أبشع صور الإجرام ، وتُعْمِلُ يد القتل في أبناء هذا الشعب لإجلائه بالقوة ، وتهجيره قسراً لإنشاء دولة يهودية على أراضي السكان الأصليين ، يومها مارست العصابات اليهودية الإرهاب الرسمي والجماعي ودفعت باليهود ووفرت لهم الحماية والأدوات لممارسة الإرهاب الفردي أيضاً ، لقد ازداد الإرهاب الصهيوني حدة وتحت حماية الانتداب البريطاني ، وأخذ القتلة من يهود يزرعون الموت بأشكاله وأنواعه الدموية في الأسواق والشوارع والمقاهي المزدحمة بأبناء شعبنا ، وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها ، فمجازر دير ياسين والطنطورة وغيرها شاهد على جرائم ودموية يهود حيث قتل المئات من النساء والأطفال والشيوخ بأعصاب باردة ، وبسادية ونازية فريدة ، وكانت المجازر وكان إعدام الآمنين والمدنيين والسالمين جماعياً في الساحات العامة ، وانتشر خبر الإرهاب الصهيوني وعمليات وأساليب قتلهم البشعة حيث بقر بطون الحوامل وذبح الأطفال والشيوخ في أوساط أبناء شعبنا الذي خذله حكام العرب وأصبح في غير مقدور الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه حيث نفذت ذخيرته ووقف العرب يتفرجون على ما يحصل عليهم ويحل بهم ، وهكذا نجح يهود والصهاينة في بث الرعب في قلوب السكان لإرغامهم على مغادرة بيوتهم وهجر أراضيهم ، وأمام العشرات من المجازر وأمام عمليات القتل الممنهج وبأبشع الصور والأساليب التي تفتقت عقلية يهود عن ابتكارها واستحداثها ، عمليات إجرام تم تنفيذها من خلال عصابات إجرامية الهاغاناة ، شتيرن ، والأرغون وغيرها من عصابات يهود ، وفي هذه الأجواء من القتل والخوف والدماء والأشلاء التي صعقت كل فلسطيني حر وشريف خرج الجد خليل جاد الله ( أبو عقل ) والجدة ( صبحية ) والعائلة من منزلهم ، وكانت الجدة ( أم عقل ) في وضع ولحظات المخاض العسير حيث زاد ذلك من آلامها وهي تتابع وتسمع عما يحصل ويجري في القرى الفلسطينية وآلاف النازحين الذين تركوا بلداتهم هرباً من القتل والحرق والتدمير ، وفي إحدى الكهوف المجاورة لقرية رافات حيث لجأ الجد والجدة والعائلة فراراً بأرواحهم من موت محدق أبصرت سارة جاد الله ( أم بدران ) والدة المجاهد طلال النور ، كان الخروج من البيوت خوفاً من العصابات الصهيونية التي ذاع صيت جرائمها وإرهابها ، أجل أبصرت الحاجة سارة النور على صوت القنابل وأزيز الرصاص وصراخ الثكلى والمهجرين وبكاء الأطفال الذين يتضورون جوعاً ، وكانت منذ اللحظة الأولى التي خرجت فيها إلى هذه الدنيا قد عزمت أن لا تنسى أفعال وممارسات من أجرم بحق فلسطين وأهلها ، وبعد عام من ميلاد سارة كان ميلاد الحاج عوض الله أبو عصبة ( أبو بدران ) وقد أبصر النور وتنفس هواء فلسطين ولا زالت رائحة الدم والبارود تخرج من الأراضي والقرى الـ1948 التي احتلتها العصابات الصهيونية ، ولا زال أنين المهجرين قريباً ، وتوالت الأيام والسنون وشاءت الأقدار أن يتزوج عوض الله من سارة وهما من نفس القرية " رافات " ولهذه القرية قصة وحكاية حيث تقع غربي سلفيت وهي إحدى قرى محافظة سلفيت ، وتقع رافات في الجنوب الغربي لمدينة نابلس تتميز بموقعها حيث يحدها من الشمال قرية الزاوية ومن الجنوب قرية دير بلوط ومن الشرق كفر الديك وقمة جبل شاهقة كالتاج على رأس هذه القرية تسمى ( عرارة ) وترخي رافات جدائلها في الجهة الغربية على سهل واسع يمتد إلى مدينة كفر قاسم المدينة الفلسطينية المحتلة عام 1948 وراس العين المحتلة أيضاً والتي هجر سكانها ،وهو سهل ( كِسّفة ) ومن على قمتها العالية والسامقة ترى يافا ، يافا عروس الساحل الفلسطيني ، فيتلألأ خلفها البحر ، والمشهد أمام ناظريك يذكرك بالأرض السليبة ويبعث فيك الأمل والعزيمة والإصرار بالعودة القريبة كلما أشرفت على النسيان .
    كان يدرك كل من عوض الله وسارة أنه خير ما يقدمونه لهذا الوطن أبناء صالحين يحملون الهمّ ، ويجمعون بين العلم والعمل والإيمان والأخلاق وتربية قوم على حب الوطن والعزة والكرامة وتقديم الغالي والنفيس من أجله ودفع ضريبة الانتماء لهذا الدين والوطن ، فكانت هذه الذرية الصالحة بإذن الله فأنجبوا ستاً من البنات وأربعة من الأبناء ، والبنات هنَّ زهرة ونسرين ورود جديدة تزهر في أرض فلسطين تضيف جمال إلى جمالها ، إلى سهولها وجبالها لتنضم إلى شقائق النعمان والنرجس والحنون والدحنون ، وكانت كفاح بعد زهرة ونسرين وبما أنّ هذه الأسرة تواطأت على أفكار مشتركة كفاح ومقاومة المحتل ، فكان لابد من كفاح ، والكفاح لابد أن يفضي إلى شيء فكانت تحرير الابنة الرابعة ، والتحرير ليس مجزوءاً لابد أن يكون لفلسطين كل فلسطين من بحرها إلى نهرها ، وكانت فلسطين الابنة الخامسة ، وفلسطين لا تعود ولا تأتي إلا بانتفاضة فكانت مسك الختام " انتفاضة " الابنة السادسة وجاءت سنة 1988 مع بدايات الانتفاضة الأولى .
    وأما الذكور فلكل واحد من اسمه نصيب ودلالة وإشارة ، وبما أن الزهور تزين الأرض فكان لابد ممن يزين سماء فلسطين فكان بدران وزهران وبلال وطلال وسيكون لنا وقفة على محطات وجوانب في حياة هذه العائلة ، فالمحطة الأولى امتدت ما بين 1987-1991 حيث انتفاضة المساجد ، شاركت هذه العائلة المجاهدة كما كل عائلات فلسطين وكل أبناء الشعب الفلسطيني بهذه الانتفاضة فقد اعتقل الحاج عوض الله " أبو بدران " ثلاث مرات وفي كل مرة كان يُدفع به ويسحب إلى التحقيق حيث تعرض للتعذيب وامتهان الكرامة والإذلال وفي إحداهن قضى أبو بدران ستة شهور بالاعتقال الإداري ، وبينما كان أبو بدران يكابد آلام القيد وقهر السجان انضم إليه رفيق قيد جديد وكما يقال هذا الشبل من ذاك الأسد ، لقد انضم إليه ابنه البكر بدران وخلال وجودهما في السجن جاءت الأخبار لتعلن عن إصابة زهران وهو الولد الثاني بأربع رصاصات في قدميه ، حيث كان يلقي الحجارة على جنود الاحتلال آخذاً دوره بالمقاومة ورفض الاحتلال حيث المقاومة والجهاد غير مقتصرة على والده وشقيقه بدران ، فلكل واحد منهم دور ، وها هو زهران يقوم بدوره المميز ضمن مجموعات السواعد الرامية والزنود الراجمة من أبناء حركة حماس ، وكان لإصابة زهران وغياب الزوج والابن البكر الأثر الكبير على العائلة والأسرة ومكثت الحاجة سارة " أم بدران " بحالة صعبة تكابد مرارة العيش مع أبنائها وبناتها ، هذه المجاهدة الصابرة قد قدمت شقيقها الأكبر شهيداً وهو ( عقل ) وذلك سنة 1967 بينما كان شقيقها الآخر مطارداً في تلك الفترة وكثيراً ما كانت تقوم بإيوائه وتزويده بالطعام والشراب ولكل المطاردين معه أيضاً .
    خرج بدران من السجن وكان يومها يمر في مرحلة الصقل والنضج التربوي كان يومها يتربى في مسجد القرية الجديد ولكن ليس على أي يد ، كان يومها في القرية شاب يتوقد حماسة وحيوية يتابع بدران وكل شباب المسجد ، يحمل همَّ الوطن والشعب والأقصى ، ففي الوقت الذي كان يتابع فيه شباب المسجد والقرية كان يعد العدة لمرحلة جديدة من العمل الجهادي والمقاوم ترد الصاع صاعين وتؤهل خبراء جدد في صناعة المتفجرات ، إنه ابن رافات وابن حماس الكبير القائد يحيى عياش " أبو البراء " هذا هو أستاذ بدران هذا هو من تربى على يديه المجاهد القسامي بدران الابن البكر للحاج عوض الله ، والأخ الأكبر للقسامي طلال ، أجل كان بدران يتربى في مسجد القرية الجديد على يد المهندس يحيى عياش ، وكان الوالد والوالدة يحرصون كل الحرص على ربط أبنائهم بالمسجد وبالقرب من الله عز وجل ، ويدفعان بهم إلى محاضن التربية الإسلامية حيث يصقلون ويصنعون على أعين دعاة كبار ومجاهدين أفذاذ ، فكان الأبناء والبنات مثالاً لأبناء القرية والقرى المحيطة في الالتزام والأخلاق في مدارسهم ، فكان جلُّ أبناء هذه الأسرة الأوائل على مدارسهم بتوفيق الله وكرم منه عز وجل ، فبدران الابن الأكبر أنهى التوجيهي – واجتاز امتحان الثانوية العامة وحصل على معدل 94% في الفرع العلمي ، وقد سافر إلى الأردن والتحق بجامعة اليرموك قسم الفيزياء وكما كان مميزاً في الكره والحقد على من قتل شعبه واحتل أرضه ودنس أقصاه ، وكما كان بدران الأول في مسجده وفي مدرسته ، كان الأول كذلك في جامعته ، وقد استطاع إنهاء متطلبات درجة البكالوريوس خلال ثلاث سنوات وليس بأي معدل بل بامتياز ، وكان الأول على قسم الفيزياء في جامعته ، وعاد إلى قريته رافات ليتابع مسيرة الجهاد والعطاء وكان يومها شقيقه زهران مغيباً خلف القضبان في سجون الاحتلال يقضي حكماً جائراً لمدة خمس سنوات ، ولكن فرج الله كان أقرب فقد أفرج عنه بعد ثلاثة أعوام من حكمه ، حيث ومع عودة بدران إلى فلسطين كان زهران قد أنهى امتحان الثانوية العامة والتحق بجامعة النجاح الوطنية بكلية الآداب ليدرس علم الاجتماع ، وقد عمل بدران مدرساً في مدرسة رافات الثانوية والتحق بنفس الوقت بجامعة النجاح الوطنية ليكمل متطلبات درجة الماجستير في الفيزياء ، حيث كان يتمتع بدرجة من الذكاء غير عادية ، وكان كما عود كل من يعرفه على التميز ، ففي كل المواقع تألق وكان مميزاً كذلك في مرحلة الماجستير ، لكن بدران وبعد أن تكالب ذوو القربى وتآمر من تآمر على المقاومة والجهاد رأى أن يقوم ويعمل عملاً مميزاً وأن يسير على خطى أستاذه وشيخه المميز أيضاً المهندس يحيى عياش ، حيث ومع استشهاد المهندس أخذ بدران يعد لمرحلة جديدة من مراحل النضال والمقاومة ، وأعدَّ لهذه المرحلة إعداداً جيداً ، ولكن إرادة الله قد شاءت أمراً آخر وفي مرحلة الإعداد كان استشهاد بدران عام 1997 بينما كان يعد بعض العبوات الناسفة حيث تهدَّم جزءٌ كبيرٌ من المنزل من شدة الانفجار ، وفي هذه المرحلة كان شقيقه بلال معتقلاً عند سلطات الاحتلال الصهيوني ، وأما الشقيق الآخر زهران فقد كان مطارداً لقوات الاحتلال ، ومع استشهاد بدران استطاعت أجهزة أمن السلطة الوصول إلى زهران وتمكنت من اختطافه وتغييبه في سجونها وما أصعب وأمر من ظلم ذوي القربى حيث مكث سنة كاملة عندهم وقد داهموا المنزل بعد أن دمّر الاحتلال ما تبقى من محتوياته بحثاً عن أشياء وأمور تساعدهم في تحقيقاتهم وخيوط توصلهم إلى من كان يعمل مع بدران ، وقد فشلوا في ذلك ولله الحمد ، لكن أجهزة أمن السلطة التي أخذت دور الاحتلال في متابعة وملاحقة المجاهدين والمقاومين قد عثرت في حديقة المنزل على كميات كبيرة من المتفجرات والرصاص التي كان يعدها ويخزنها بدران للانطلاق في مرحلة جديدة من مقاومة الاحتلال ، كما وضبطت أجهزة أمن السلطة أيضاً كميات كبيرة من المتفجرات في إحدى الشقق المستأجرة في مدينة نابلس .
    لقد كانت مرحلة جديدة في حياة هذه العائلة الصابرة والمحتسبة ، فالولد البكر " بدران " قد فاز واتخذه الله شهيداً ، وارتقى إلى علياء المجد والخلود ، أما الابن الثاني زهران فكان مختطفاً عند أجهزة أمن السلطة أما الابن الثالث بلال فقد كان معتقلاً عند سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، أما الابن الرابع طلال فكان لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره وقد أصدر الاحتلال الإسرائيلي حكماً جائراً على " بلال " لمدة عشر سنوات قضاها في سجون الاحتلال وذلك على خلفية علاقته وعمله مع شقيقه " بدران " حيث وبعد أن قضى " زهران " عاماً كاملاً في سجون السلطة حيث أفرج عنه مع نهاية سنة 1998 اعتقل بعد فترة قصيرة من قبل قوات الاحتلال ليقضي حكماً جائراً في سجون الاحتلال لمدة أربعة عشر عاماً كاملة .
    وقد اعتقل طلال سنة 2003 إدارياً وأصبح الأشقاء الثلاثة في السجن ورابعهم شهيد وبعد خروج طلال من السجن بعد عام من الاعتقال الإداري عمل مع كتائب الشهيد عز الدين القسام في إحدى الخلايا التي أسند إليها العمل في إطار عمليات للرد على اغتيال الشيخين الياسين والرنتيسي وقد صدر بحق طلال حكمٌ جائر لست سنوات ولا زال يقبع في السجن منذ الثاني من تموز من العام ألفين وأربعة (2-7-2004 ) وحيث اقترب موعد الإفراج عنه ، ومكث ثلاثتهم في السجن حتى أفرج عن بلال سنة 2007 ومن المؤسف والمؤلم بل والمخزي والمشين أن بلال وبعد السنوات الطويلة التي اقتطعتها سجون الاحتلال والتي تجاوزت أكثر من عشرة أعوام تمَّ اعتقاله عدة مرات من قبل جهازي مخابرات السلطة والأمن الوقائي فسنين اعتقاله في سجون الاحتلال لم تشفع له ولا لعائلته !! الأمر الذي يبعث المرارة في النفوس ، والأمر الذي لا يبشر بخير ، ولكن الظلم لن يدوم وإن الفرج مع الصبر، وهذا هو قدر أبناء حماس أن يدفع مجاهدو الحركة الثمن مرتين ، حيث أصبح المجاهدون هدفاً للاحتلال وأجهزة أمن السلطة .
    وهنا لابد من أن نذكر أنه عندما اعتقل طلال الابن الأصغر لهذه العائلة سنة 2004 في اعتقاله الثاني كان لازال على مقاعد الدراسة الجامعية في كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية ، وقد التقى بأخويه ( شقيقيه ) زهران وبلال في سجن عسقلان لمدة عشرين يوماً ، وكان اللقاء الأول الذي يجمعه بشقيقه بلال منذ عام 1997 أي بعد 11 عاماً والتقى بزهران عام 1998 حيث كانت المشاعر جياشة أن تجمع سجون الاحتلال الأشقاء الثلاث لأول مرة بعد أحد عشر عاماً من التغييب ، مشاعر لا توصف أبكت الجميع وأسالت مدامع إخوانهم الأسرى من حولهم ، ها هم أبناء حماس بعطائهم وتضحياتهم ، وها هم زهران وبلال وطلال أشقاء الشهيد بدران وأبناء الحاجة سارة والحاج عوض الله قد جمعهم قسم 8 في سجن عسقلان ، جمعهم القيد وألم السجن ، كان الأشقاء الثلاثة كالتوائم لا يستطيعون مفارقة بعضهم البعض لكن هيهات هيهات ، لم يرق لقوات الاحتلال هذا اللقاء ، فقامت بنقل طلال إلى سجن جلبوع ، ونقلت بلال إلى سجن الرملة ، وقد بقي زهران في عسقلان ، الأمر الذي شكّل عبئاً على الحاجة سارة حيث كانت الوالدة " أم بدران " تقوم بزيارة فلذات كبدها الثلاثة كل أسبوعين مرة حيث تخرج في الشهر ست زيارات لتلفَّ على هذه السجون الثلاثة حيث كانت تخرج مع صلاة الفجر وتعود إلى البيت إلى ما بعد العاشرة أو مع ساعات منتصف الليل ، وكم طلب منها فلذات الكبد أن تخفف من الزيارات حيث يكفي أن تزور كل واحد منهم مرة واحدة في الشهر أو مرة كل شهرين ، حيث كان الجميع يشفق عليها حيث أن رحلة الزيارة هي بمثابة عقوبة تجعل منها سلطات الاحتلال معاناة حتى تنتقم من أهالي الأسرى وتحبطهم لعلهم يمتنعون من تلقاء أنفسهم عن زيارة أسراهم في سجون الظلم والحقد النازي وبذلك تخلق حالة من الفجوة وعدم التواصل ما بين الأسير وأهله حيث ما تريده سلطات الاحتلال أن يكون الأسرى وأهاليهم في كبدٍ دائم ، إنها سياسة كسر الإرادة وتحطيم المعنويات .
    الأشقاء الثلاثة ، الأقمار الثلاثة ، الشموع الثلاثة ، المقاومون الثلاثة أرادوا لولدتهم الراحة ، صحيح أنهم سيحرمون من أن تكتحل عيونهم برؤيتها وتشنف آذانهم بسماع صوتها واستشعار حنينها إلا أن صحتها عندهم أغلى من كل شي ، قال لها طلال كما قال لها بلال كما قال لها زهران رجائي يا أمي .. يا أغلى إنسانة في الدنيا يكفي كل شهرين زيارة ، يا أمي كل شهر زيارة برجائي أن تستجيبي ولكن رد الأم كان واضحاً قاطعاً مانعاً وللجميع ، لماذا يا بني فلذات كبدي ، إذا ما كنا قد عجزنا عن الجهاد بالسلاح فإننا نجاهد بزيارتكم ، نتقرب إلى الله برؤيتكم وأنتم من يحمل راية الجهاد والمقاومة ، نتعبد إلى الله بالتخفيف عنكم ، يا أبنائي والله عندما آتي لزيارة أحدكم وكأني متوجهة للحج إلى هناك إلى مكة المكرمة إلى الكعبة المشرفة رؤيتكم عبادة مشاهدتكم قربى إلى الله ،فرؤيتكم خير لي من الدنيا وما فيها ، زيارتكم تبعث في أوصالي روح العزيمة والإصرار والثبات ، تكبد المعاناة يزيد من الأجر ، هذا هو موقف أم الشهيد ، موقف أم الأسرى الثلاثة ، موقف أم بدران ، موقف الحاجة سارة ، موقف زوجة الحاج عوض الله ، موقف المجاهدات من أبناء الشعب الفلسطيني ، موقف نساء وأمهات شباب الحماس ، أمهات من أرضعن أولادهن حب الأوطان ، حليب العزة والكرامة ، فبوركت نساء فلسطين وبوركت المجاهدات ، وبوركت الحاجة سارة ولله درك يا أم بدران ، لقد حاول الأشقاء الثلاث مراراً أن يجتمعوا في سجن واحد ، وكان الرفض من أمن مصلحة السجون التي تتعامل بمكر وخبث وسادية مع الأسرى وعائلاتهم ، ففي العام 2005 قدم طلال شكوى لما يسمي زوراً وبهتاناً محكمة العدل العليا بعد أن تمَّ نقله من سجن جلبوع إلى سجن الدامون ، من أجل انتزاع قرار يمكنه من الالتقاء والاجتماع بشقيقيه والعيش في سجن واحد ، وكانت عملية نقل طلال إلى الدامون بعد أيام من نقل شقيقه زهران منه ، وبعد عام أي في العام 2006 وتحديداً في شهر 4 وبعد متابعة حثيثة من خلال المحامي وافق الاحتلال على جمع الأشقاء الثلاث ولكن في سجن جلبوع لاعتبارات أمنية عندهم ، وكم كانت فرحة الحاجة سارة عندما زارتهم جميعاً مرة واحدة ومع بعضهم ، يا لها من زيارة مميزة ، حيث تستطيع الآن القيام بزيارتين في الشهر وتزور الجميع في كل مرة ، لقد فرحت وفرح الأبناء لفرح أمهم وأن في ذلك راحة لها ولصحتها ، وكان بقية الأهل الوالد والأخوات ممنوعين من الزيارة وسبب المنع أمني إلا أن الوالد وهو الأسير السابق والمحرر استطاع أن يحصل على تصريح لمدة يوم في كل سنة ، وبعد أسبوع من اجتماعهم في جلبوع تمَّ نقلهم الثلاثة إلى سجن مجدو ومكثوا معاً شهراً كاملاً بعدها تم نقل زهران إلى النقب ثم تبعه بلال ثم تبعه طلال ومكثوا معاً في سجن النقب الصحراوي شهراً ، إلا أن سلطات الاحتلال وكعادتها عادت الكرة مرة أخرى وعمدت إلى تشتيتهم ، فقمعت بلال إلى قلعة أخرى وأبعدته عن شقيقه ، وقامت بقمع زهران إلى سجن شطة وتحت مطالبات كثيرة ومتكررة وافقت مصلحة السجون في النقب على جمع بلال وطلال في قسم واحد حيث لم يكن قد تبقى لبلال إلا ثلاثة شهور للإفراج عنه وقد قضى الأخوان هذه الفترة معاً في نفس القسم ، وقد طالب الأخوان أن يجمعا بشقيقهم زهران وقد طالب طلال ذلك مراراً ، ولكن إدارة السجون النازية كانت دائماً تحرمهم من الاجتماع معاً وفرج الله قريب ، وموعد بلال مع الحرية كان يقترب حيث أفرج عنه في شهر 7 من العام 2007 بعد قضاء عشرة أعوام طحنتها سجون الاحتلال من عمره ، بكل ساعاتها وأيامها وشهورها ، ما أصعب السجن ، كل شي يمكن تعويضه إلا العمر ، فهل الأسرى سيتسامحون مع من قتل أعمارهم وأذاب سني شبابهم خلف القضبان ، لقد كانت حرية بلال تخفيفاً عن الأهل وهم الذين ما زالوا ينتظرون عودة زهران وطلال وخلال أيام سيتم بإذن الله الإفراج عن طلال بعد قضاء سنوات قضاها متنقلاً بين السجون ، تحقيق بيتح تكفا ( ملبس الفلسطينية ) ، عسقلان ، جلبوع ، الدامون ، مجدو ، النقب ، نعم سيكون بإذن الله يوم 4-4-2010 موعد طلال مع الحرية وسيعود إلى مقاعد الدراسة الجامعية وهو المولود بتاريخ 24-5-1982 والذين من جيله أنهوا دراساتهم الجامعية في درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ، طلال يبلغ الآن حوالي 28 سنة أمضى سبعة أعوام منها في سجون الاحتلال وسنتين على مقاعد الدراسة الجامعية ، سيعود طلال ليجلس على المقاعد الدراسية وبجانبه سنافر الجامعة ( الطلاب الجدد ) الذين لم تتجاوز أعمارهم التاسعة عشر عاماً ، لكن حب الوطن وضريبة الانتماء له حسابات أخرى وثمن لا يدفعه ويقدمه إلا الأطهار وأصحاب الوطنية العالية أمثال طلال الذي سيكون محط انتباه الطلاب الجدد حيث لا يعرف إلا أولئك الذين زج بهم الاحتلال خلف القضبان لسنوات مثله ، فما أجمل الحرية وما
    أجمل عناقها .
    إن زهران الذي يقضي حكماً لمدة أربعة عشر عاماً قد أصيب بجلطة دماغية عام 2007 مكث على إثرها ثلاثة أيام في العناية المركزة وبعدها قضى ثلاثة أشهر في المستشفى وحالته الآن مستقرة وقد أصيب بشبه شلل في جانبه الأيسر ، كما أن " بلال " الأسير المحرر وخلال اعتقاله قد أصيب بمرض في القلب وأجريت له علمية جراحية في مستشفى سجن الرملة في العام 2005 م .
    ما أصعب السجن وما أطول أيامه ، وما أشد وطأته !! ، السجن هو أقسى العقوبات على النفس البشرية ، حيث أنه أقسى من الإعدام لأن الأسير يُعدم في اليوم ألف مرة ، ولا شك أن فترة الاعتقال فترة مؤلمة ، خاصة على عائلة وأسرة الحاج عوض الله وشريكة حياته الحاجة سارة ، أسرة فقدت كل أبنائها بين أسير وشهيد ، ولكن طالما وعلى مدار كل السنوات سواء في الأسر أو خارج السجن كان الوالد والوالدة يبثان في أبنائهم روح المصابرة وروح المجاهدة وعلى قهر القيد ، ومرارة السجن وهذا ما كان يدفع بالأشقاء الثلاثة على المزيد من الإصرار وعلى المزيد من الثبات على طريق الحق ، طريق صوت الحق والقوة والحرية ، طريق الحماس ، طريق ذات الشوكة فالأبناء وعلى الدوام يستمدون من والديهم كل معاني وقيم الثبات والصبر .
    طلال الذي لم يستسلم للمحنة فقد أصر أن يجعل منها منحة فأكبّ على حفظ القرآن الكريم حتى منَّ الله عليه وأكرمه بحفظ القرآن عن ظهر قلب وقد حصل على السند المتصل كما أشرت سالفاً بعد اجتيازه كافة متطلبات الحصول على السند ، كما وحفظ خلال سنوات سجنه أكثر من ألف حديث ، وقد ارتقى بنفسه من كل الجوانب الروحية والثقافية والجسدية ( بالرياضة معظم أيام الأسبوع ) وقد قرأ تراث علماء الأمة الكبار الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ، والشيخ محمد الغزالي ، والأستاذ الكبير محمد أحمد الراشد ، وظلال الشهيد سيد قطب والخالدي ، وغيرهم الكثير ، ومن حسنات السجن أن الأسير يتعرف على إخوة وأحبة جدد من نفس المدرسة الإيمانية والتنظيمية يشاطرونه الهم والأفراح وفي حمل أعباء العمل الدعوي داخل السجن .
    ما أروع طلال بهمته العالية ومعنوياته وعزيمته ، هذا العملاق ابن الحماس الذي أصرَّ بعلو همته وسموِّ ونبل أهدافه وأصالة انتمائه وإلى جانب جهاده وعطائه وتضحياته على أن يكون من الذين صدق الله فيهم :" إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور .."
    فهنيئاً للحاج عوض الله وللحاجة سارة بهذا الابن الصالح الحافظ لكتاب الله ، هذه الأترجة ، وهنيئاً لطلال بوالديه ، وما أروع حماس بشبابها ، وما أروع حماس وهي تضم في صفوفها أمثال بدران وبلال وطلال هؤلاء الذين تشرق نفوسهم بشمس ونور الإيمان ، هؤلاء الذين تسطع نفوسهم بشمس ونور الحماس وبأنفاس القسام ، كبيرة أنتِ يا حماس بهؤلاء الأطهار ، بهؤلاء الأتقياء الأنقياء ، كبيرة أنت يا حماس بمثل أسرة أبي بدران ، هذه الأسرة التي ما كلت ولا ملت وهي تقدم التضحيات دماء ، ومال ، وأعمار شبابها تذوب خلف القضبان وكل ذلك من أجل الوطن واستقلاله ، ومن أجل الشعب وحريته ومن أجل المقدسات ، ومن أجل الفكرة ، من أجل إسلامهم ، من أجل حماسهم ، ما لانت لهم قناة وما فترت لهم همة ولا هدأت لهم عاصفة يزمجرون كالأسود ، ويقصفون الباطل كالرعود ، وهم الذين لا يتوانون عن تقديم كافة التكاليف والاستحقاقات عن طيب خاطر ، فما أروعك يا حماس ، وما أجملك يا حماس وأنت تضمين هذه المعادن النفيسة وهذه الدرر ، وهذه الشموع التي تحترق لتبدد الظلمة ، لحماس حقاً هي عنوان المرحلة ، كما شباب الحماس دائماً هم وقودها ، ففي الفترة الأخيرة ومع اشتداد قبضة دايتون ومع استناد الأجهزة الأمنية على أبناء شعبنا الفلسطيني ، وخروجاً عن المنطق والقيم الوطنية والدينية والأخلاقية تم استدعاء الحاج عوض الله " أبو بدران " إلى جهاز الأمن الوقائي وإهانته وشتمه وسؤاله إذا ما كانت حماس تدعمه بالمال كوالد للشهيد بدران ووالد لأبنائه الأسرى ، لقد أساءت للرجل الستيني ، وأساءت لهذه العائلة المجاهدة والمناضلة التي ما زالت وستبقى سيلاً متدفقاً من العطاء ومعيناً لا ينضب من التضحيات لفلسطين والأقصى وللإسلام العظيم ، لم يشفع شيب الحاج عوض الله له ، ولم تشفع سنين عمره التي تجاوزت الستين ، ولم يشفع له أنه والد شهيد ، ووالد لثلاثة أسرى ، وأنه هو شخصياً أسير محرر ، فما أصعب الظلم وخاصة من ذوي القربى ، وقد عانى بلال كما ذكرت آنفاً أيضاً في سجون الأسياد والعبيد .
    فتحية إكبار وإجلال ، تحية حب ووفاء لهذه العائلة المجاهدة ، ويكفي الأمة جمعاء فخراً وشرفاً نموذج هذه الأسرة ، نموذج أسوة وقدوة ، وأسرة قذف الله في قلوب أبنائها فانشرحت صدورهم واستمدوا من نور القرآن مقومات الصمود والثبات ، إنها القيم التي غرستها حماس في النفوس ، إنها المدرسة المحمدية التي انتمت لها هذه الأسرة ، فصقلت شخصيات أفرداها جميعاً وانعكست على سلوكهم القويم .
    هنيئاً لحماس بطلال ، وهنيئاً لحماس بشبابها القرآني ، وهنيئاً للحاج عوض الله والحاجة سارة تاج الوقار الذي سيلبسهم إياه الله عز وجل يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا وذلك كثمرة من ثمار تربيتهم الصالحة التي دفعت بطلال إلى حفظ كتاب الله ، هذه هي حماس وجهاد أبنائها الذين وبسواعدهم وأياديهم الخيرة ما زالت تصنع التاريخ وتحفر علامات الفخر على جبهة الزمن ، رجال وشباب حماس يعرفون ما يدور حولهم وما يحاك للوطن والمقدسات حيث ما يميز المجاهدين عمق الفهم وبعد النظرة وأصالة الفكرة وصحة الرؤية بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية واستحقاقات العمل لها والدفاع عنها وطلال أبو عصبة نموذج الحمساوي الداعية ، حيث أن عميق إيمانه وأصالة انتمائه وغزارة ثقافته ورؤيته الصافية الشاملة وصوته الجهوري جعل منه خطيباً مفوهاً تهتز له أعواد المنابر فيستحوذ على النفوس ويأخذ بمجامع القلوب ويفتح الطريق إلى العقول ، حيث تصل فكرته وتصل موعظته ، هذا هو طلال عوض الله أبو عصبة الحافظ لكتاب الله ، الخطيب المفوه ، المجاهد القدوة ، الداعية الفذ وسليل الأسرة المجاهدة .
    فبورك الزرع , وبورك الثمر .. وسلمت يد الزراع ..

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 7:50 pm